بعد اغتصابها 60 يوما.. طبيبة تكذب رواية “خديجة” : الوشوم في جسدها رسمت برضاها .. وانقسام مغربي حول الفتاة

وفيما يخصّ إزالة هذه الوشوم، أجابت باغادي أنه يمكن استخدام الليزر كحل لبعضها، مشيرةً إلى أنّ الوشوم في يديها، تمت باستخدام صباغة الحائط ممزوجة بمكوّن آخر، ما يجعل استخدام الليزر مستحيلا في اليدين، بل حتى العملية الجراحية لن تنفع كثيرا وستسببّ تشوهات للجلد، وفق قولها.
يُشار إلى أنّ والد خديجة أعلن أنّ الدرك المغربي أوقف 12 شخصاً وأن عددا منهم اعترفوا بالاعتداء على ابنته.
تشغل قضية خديجة القاصر التي كشفت تعرضها للاحتجاز والاغتصاب الجماعي اهتمامات سكان بلدتها أولاد عياد، وسط المغرب، بين متضامن ومشكك، وسط بيئة تسودها “ثقافة محافظة”، بينما تختفي القاصر ووالدها عن الأنظار هربا من “ضغوط قاهرة”.
ويقول أحد جيران العائلة واقفا قبالة بيتها في زقاق غير معبد تحوطه بيوت أغلبها عشوائية: “لا أعرف حقيقة ما وقع لخديجة. الأكيد أنها اختفت لفترة، وما تعرضت له أثار الكثير من التعاطف، لكن البعض يشكك في روايتها”.
وكشفت خديجة (17 عاما) احتجازها لنحو شهرين تعرضت خلالهما للاغتصاب والتعذيب بعد اختطافها من أمام بيت أحد أقاربها في بلدة أولاد عياد بمنطقة الفقيه بنصالح (وسط) منتصف يونيو؛ وأكدت في أحاديث مصورة أدلت بها لمواقع إخبارية محلية أن خاطفيها خلفوا ندوبا ووشوما على أجزاء مختلفة من جسدها.
لكن أحمد، الذي يدير محلا للبقالة في زقاق غير بعيد من بيت خديجة، يبدو غير مقتنع برواية هذه الفتاة “قوية الشخصية”، كما يصفها كثيرون من النشطاء الذين تبنوا قضيتها وأطلقوا حملة تضامن معها، إذ يقول: “كانت لديها رفقة سيئة وتخرج مع شبان في البلدة”.
في غمرة حملة تضامن واسعة، وجدت مثل هذه التعليقات المشككة طريقها إلى وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية نشرت تصريحات لأقارب بعض المتهمين في القضية تشكك في رواية خديجة.
ويقول الصيدلي عبد النبي حلماوي، الذي أشرف رفقة أطباء على إخضاع خديجة لفحوص طبية، إن هذه التعليقات خلفت “تداعيات سيئة على نفسيتها”، ولذلك نصح عائلتها بأن “تمنعها من استخدام هاتفها حتى لا تطلع على ما يقال عنها في الأنترنت”.
ويضيف أحمد بصوت خفيض، وسط جلبة تنبعث من مكبرات صوت يستعين بها الباعة لجذب الزبائن في هذا اليوم الحار الذي يصادف موعد السوق الأسبوعي في البلدة: “لقد اختفت خديجة ووالدها قبل نحو يومين، لا شك أنها هربت من ضغط الصحافة”.
اختفت خديجة عن الأنظار بعدما أدلت بأحاديث مصورة لوسائل إعلام محلية. ويشرح ناشط في إحدى الجمعيات المحلية لوكالة فرانس برس عبر الهاتف: “نسعى إلى حمايتها وإبعادها عن الضغوط”.
لا يشك عبد النبي حلماوي من جهته في “صلابة” خديجة وقوة شخصيتها، لكنه يعتقد أنها تحتاج “إلى رعاية ومواكبة نفسية، لأن ما تعرضت له ليس بالأمر الهين”.
غالبا ما تكون معاناة النساء ضحايا الاغتصاب في ظل ثقافة محافظة مزدوجة مع تحميلهن مسؤولية ما تعرضن له. وقبل سنوات أدى انتحار القاصر أمينة الفيلالي بعد تزويجها من مغتصبها إلى إلغاء القانون الذي كان يتيح هذا “الحل” بعد ضجة واستنكار واسعين.
ويشير إبراهيم حشان، محامي خديجة والناشط في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة سوق السبت القريبة من أولاد عياد، إلى أن “الثقافة الذكورية سائدة في المنطقة، حيث يحمل البعض الضحية مسؤولية ما تعرضت له”.
ويبدو أن حياة خديجة، المنقطعة عن الدراسة منذ كانت في الثانية عشرة بسبب فقر عائلتها، “كانت أكثر تحررا من السائد هنا”، كما يوضح مصطفى الذي يعمل سائق شاحنة ويعرف العائلة جيدا.
خلافا للمشككين في رواية خديجة من سكان البلدة التي تعيش من معمل للسكر في هذه المنطقة الشهيرة بزراعة الشمندر، يؤكد مصطفى وجلساؤه أنهم لا يعرفون حقيقة ما حصل.
الجميع يترقبون ما سيتوصل إليه قاضي التحقيق الذي حدد 6 شتنبر موعدا لأول جلسة ينتظر أن يستمع خلاها إلى أطراف القضية.
ويبلغ عدد المتهمين 12 فردا تراوح أعمارهم بين 18 و28 سنة، ووجه إليهم وكيل الملك في غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في بني ملال اتهامات تتراوح بين الاتجار بالبشر والتهديد بالقتل والتعذيب والاختطاف والاحتجاز واغتصاب قاصر، إضافة إلى عدم الإبلاغ عن جريمة وعدم تقديم المساعدة لشخص في خطر. ولازال البحث جاريا عن ثلاثة أشخاص، حسب ما أفاد به مصدر مقرب من التحقيق.
وقال محامي خديجة إبراهيم حشان لوكالة فرانس برس إن “المتهمين اعترفوا بالمنسوب إليهم”، لكن لائحة الاتهام يمكن أن تتغير تبعا لنتائج التحقيق القضائي.
وسجل تقرير للنيابة العامة تزايد قضايا جرائم الاغتصاب السنة الماضية في المغرب، إذ تجاوز عددها 1600، في حين كانت بحدود 800 قضية سنويا خلال الأعوام الماضية. وأشار التقرير إلى تسجيل أكثر من 290 قضية خطف قاصرين خلال 2017.