زمان يافن

“دكتور شديد” فيلسوف الفن.. ورث 17 فدانا ولعب بالزمالك ..”وماله ياخويا” ادخله فرقة “ساعة لقلبك”

أطلق عليه لقب ”فيلسوف الفن” باعتباره متعمقًا في العلم ، حيث حصل على الماجستير حول ”طبيعة القانون العلمى” عام 1965 بتقدير جيد جدًا ، وأشرف على الرسالة في ذلك الوقت الدكتور”زكي نجيب محمود” ، وحصل علي شهادة الدكتوراه في الفلسفة عام 1968 ، وأّلف كتابًا بعنوان ”فن المسرح” يدرّس حتى الآن في معهد التمثيل.
الفنان “محمد فرحات عمر” مواليد 12 أغسطس 1931 ، جدّه “عمر” جاء إلى مصر مع جيش “إبراهيم باشا” وكان متزوجا بامرأة تركية ولم ينجب منها ، وعندما جاء لمصر تزوج من امرأة تصغره بسنوات كثيرة من الدقهلية وأنجب منها ولدين هما فرحات وإسماعيل ؛ أما والده “فرحات” فقد كان مهندسًا للآثار ووالدته مدرّسة هو وحيدها ، وتوفي والده وهو في عمر عامين وترك له ثروة عبارة عن 17 فدان ومنزل، وتولت والدته تربيته التي كانت تعامله بشدة للوصول إلى أفضل تربية ممكنة.


وكان وهو طفل دائم التردد على مسجد الإمام الحسين حيث كان مواظباً على صلاة الفجر كل يوم ، كما كان حافظاً للقرآن الكريم ويرتّله ويجوّده بصوت جميل ، ثم انتقل للإقامة بشارع الملكة نازلى (رمسيس حاليًا) بالقرب من أرض الأنبا رويس (التى بنيت عليها الكاتدرائية) بالعباسية ، وتعلّم فن الإلقاء والتمثيل في مدرسة بحي العباسية.

بإنهائه المرحلة الثانوية التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة، ودرس في قسم الفلسفة، حينها كانت لديه رغبة الالتحاق بمعهد التمثيل وتوجه لتقديم أوراقه فعلاً، إلا أن الفنان حسين رياض أبلغه بضرورة إتمام تعليمه أولاً، وهو ما اقتنع به «فرحات».


ومن باب الانتظار التحق بفرقة التمثيل في كلية الآداب، ودربه فيها الفنان زكي طليمات، حتى شارك في السنة النهائية في مسرحية «30 يوم في السجن» علي مسرح الريحاني، وجسد شخصية «أمشير أفندي»، وحاز على أدائه كأس «يوسف وهبي» علي مستوي الجامعات.
وفي عام 1954 حصل على ليسانس الآداب، ووجد ملاذه في العمل لفترة بالتدريس، إلى أن جاءته فرصة الالتحاق بفرقة «ساعة لقلبك» الإذاعية، ليشارك بجانب كلٍ من «الخواجة بيجو» فؤاد راتب، و«المعلم شكل» محمد يوسف، و«أبولمعه» محمد المصري.
بانضمامه للفرقة ابتكر مؤلف الاسكتشات شخصية الطبيب البيطري «دكتور شديد»، وهو من كتب لزمته الشهيرة «قولي يا ابني هو أنا أتعشيت ولا لسه؟»، وهذه “اللزمة” كانت مكتوبة وقام بإلقائها فى مسرحية ذات فصل واحد على مسرح الأزبكية عام 1956 ، فنالت استحسانًا من الجمهور وطُلبت منه في جميع الأفلام التى كان يؤديها ، والتصقت به شخصية “الدكتور شديد” ، ونجح ”الدكتور شديد” في انتزاع الضحكات من الجمهور بفضل أدواره الشهيرة والجمل التي كان يردّدها كثيرا ، ولعل أشهرها : ”وماله يا خويا” ، “يارب يا خويا يارب”، ومن هنا التصقت تلك الشخصية به واُشتهر بها.


مع تصاعد نجمه كفنان موهوب استأنف مسيرته التعليمية وحصل علي شهادة الماجستير في موضوع «طبيعة القانون العلمي» عام 1965 بتقدير جيد جدًا، وأشرف على رسالته حينها الدكتور زكي نجيب محمود، وفي تلك الفترة شارك في أعمال سينمائية عدة، أشهرها «إسماعيل ياسين في السجن» و«المجانين في نعيم»، و«عروس النيل» و«إشاعة حب»، و«زوج بالإيجار» و«فطومة».
وبجانب الفلسفة والفن انضم لنادي الزمالك واحترف الشطرنج، ومثل الفارس الأبيض في عدة بطولات وحصل على جوائز كثيرة، كما أُدرج اسمه بقائمة أشهر لاعبي هذه الرياضة.


بذيوع صيت «ساعة لقلبك» أنشأ فنانوها فرقة مسرحية، وقدموا عروضًا متعددة على مسارح الإسكندرية في فصل الصيف، كذلك شاركوا في التليفزيون مع إنشائه في الستينيات، واستمر العمل حتى عام 1968.

انسحب بعدها من الوسط الفني وعمل في عدة وظائف حكومية، أبرزها عضويته بلجنة النشر في هيئة الكتاب كمسؤول عن كتب الفلسفة، قبل أن يحصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة عام 1968، وأتبعها بتأليف كتاب عن فن المسرح، لايزال يُدرس حتى الآن حسب رواية ابنته، ومن هنا أطلق عليه الآخرون لقب «الفيلسوف».

وبعدها ترك الفن وانضم لهيئة الإذاعة البريطانية، وهناك عمل بالقسم العربي بلندن للنقد والتعليق على الأفلام العربية والمسرحيات الكوميدية، واستمر في ذلك حتى عام 1977، وعاد بعدها إلى القاهرة، وعاود مشاركته الفنية في تلك الفترة، وعمل في مسلسلات «زينب والعرش» و«عودة الروح» و«أوراق الورد»، وغاب 10 سنوات أخرى قبل أن يعود مجددًا في التسعينيات، مع حنان شوقي ووائل نور في فوازير «عملت الواجب».


وفي تلك الفترة من عمره طلب منه كثيرون تدوين مذكراته لتأريخ مسيرته، إلا أنه رفض الأمر قائلاً للجميع، حسب رواية ابنته: «لا أتاجر بأيام الشقاء والتعب، وكذلك الهناء»، وكذلك قلت متابعاته للأعمال الفنية، إلا أنه لم يستطع غض الطرف عن الفنان عادل إمام، والذي كان يضحكه كثيرًا وفق ما ذكرته ابنته، كما أُعجب بأدائه وتعبيرات وجهه في فيلم «الإرهابي»، ونفس الحال في مسرحية «الزعيم».
في سنواته الأخيرة فضل «فرحات» أن يعيش وحيدًا في بنسيون بمنطقة الزمالك، حتى يكون قريبًا من فندق الماريوت، لعشقه الجلوس في الكافيتريا الخاصة به، والتي واظب فيها على القراءة، واحتساء القهوة وعصير الفراولة والمانجو، كما حرص على كتابة مقالات سياسية ومراسلة الجرائد العربية، وفي عام 1997 شارك في مسرحية «كرنب زبادي» مع الفنانين سعيد صالح أحمد بدير، وجسد دور «الجواهرجي»، وعمل في 4 بروفات فقط لكن لم يستطع أن يكمل.


وتدهورت حالته الصحية في البنسيون، واتصل أحد المسؤولين بابنته، للتوجه إلى هناك وتذهب به إلى مستشفى في مدينة نصر، وأقام فيها 3 أيام خلالها اشتكي من ارتفاع طفيف في السكر، وبعد إجرائه الفحوصات الطبية، في 12 يوليو 1997، طلب من نجلته ماكينة الحلاقة، لكنه توفي بعد 5 دقائق.

تابع كل النجوم على تطبيق نبض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى