“فنان سابق ومتسول حاليا”، هي الجملة التي عبر بها الفنان “محمد أبو الحسن” عن نفسه في سنواته الأخيرة بعد تنكر أغلب زملائه وتلامذته له، رغم وقوفه بجوارهم ومساندته لهم حسب ما رواه في العديد من المرات، شاكيا من سوء ظروفه المادية وعدم تقدير مشواره الفني على أكمل وجه.
ولد الفنان محمد أبو الحسن في 19 يوليو 1937، وتخرج من كلية الزراعة ثم عمل مهندسا بمديرية الزراعة بالقاهرة، حتى التحق بالعمل فى التليفزيون المصرى ببرامج الأطفال، اشتهر بخفة ظله، ليشارك بعدها فى عدة أعمال كان أشهرها “سك على بناتك”، مع الراحل فؤاد المهندس.
وتداول مؤخرا عبر شبكات التواصل صورة نادرة للفنان “محمد أبو الحسن” وهو بملابس الإحرام في المشاعر المقدسة، وهي الصورة التي لاقت رواجا كبيرا بين جمهوره.
خاض “ابو الحسن” مشواره التعليمي بثبات إلى أن التحق بكلية الزراعة جامعة عين شمس، وكان من ضمن زملائه الفنان جورج سيدهم الذي لعب دورا في تمهيد مشواره الفني فيما بعد، وفي عام 1960 أنهى تعليمه الجامعي، قبل أن يجد فرصة للعمل كمهندس زراعي بمديرية التحرير.
وجد ضالته فيما بعد في التليفزيون عقب افتتاح ماسبيرو، وعمل مخرجا وممثلا في برامج الأطفال في تلك الفترة حتى قدمته الفنانة نجوى سالم إلى الجمهور لأول مرة في مسرحية «حاجة تلخبط» عام 1971، وبعدها استدعاه الفنان جورج سيدهم للمشاركة في مسرحية «المتزوجون»، وبالفعل جسد شخصية «عصمت البلابيشي» إلا أنه اعتذر بعد فترة وحل مكانه الفنان محمد التاجي، ومن سوء حظه أنه تم تسجيلها للتليفزيون بعد رحيله عن طاقم العمل.
شارك «أبوالحسن» في عروض مسرحيات عدة، وتم تصوير 25 عملا منها حسب روايته في برنامج «صباح الخير يا مصر»، لكنهم قلما يُذاعون على الشاشة الصغيرة، منهم «حاول تفهم يا ذكي» و«أزمة حمزة» و«رصاصة في الكلب اللولو» و«خمس نجوم»، ووصولا حتى «أسعد سعيد في العالم».
الاستثناء الوحيد كان في مسرحية «سُك على بناتك»، حينما جسد أشهر أدواره، الموظف «حنفي»، برفقة الفنان فؤاد المهندس، إلا أن هذه الشخصية أداها في البداية أسامة عباس واعتذر عن إكمال العمل، ليحل «أبوالحسن» مكانه وتُسجل تليفزويونيا حسب المذكور بصحيفة «الأهرام»، ورغم أنها الأبرز له لكنه «كرهها» بسبب تكرار إذاعتها وإهمال بقية أعماله التي يرى فيها ما هو أجمل وأكثر فكاهة وفق ما صرح به لبرنامج «صباح الخير يا مصر».
وفي التليفزيون شارك ابو الحسن في عدة مسلسلات منها «الوسية» و«عيون» و«المال والبنون» و«على هامش السيرة»، بجانب ظهوره بأفلام «البرنس» و«قيدت ضد مجهول» و«في محطة مصر».
وفي عام 1996 أُصيب بأولى وعكاته الصحية، إثر تعرضه لآلام في القلب استدعت توجهه إلى العاصمة الفرنسية باريس لتغيير 7 شرايين، وهو ما تكفلت به الفنانة سهير رمزي، وعندما تحسنت حالته الصحية تعرض لوعكة جديدة عام 2000، بعد إصابته بجلطة في المخ نتيجة تأثره بمشهد مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة، بعد أن شعر بأنه واحد من أحفاده الثمانية حسب روايته لـ«المصري اليوم».
غاب «أبوالحسن» عن الساحة الإعلامية لفترة طويلة إلى أن فاجأ الإعلامي معتز الدمرداش عام 2009، بعد أن بعث له رسالة قال فيها: «أنا الفنان محمد أبوالحسن.. فنان سابقا ومتسول حاليا»، ليتم استضافته بعدها مباشرة ببرنامج «90 دقيقة».
وخلال الحلقة اشتكى من قلة المبلغ الذي يتقاضه من عمله بالتليفزيون، موضحا أنه يحصل على 6 آلاف جنيه فقط بما يعادل أجر «كومبارس صامت» حسب قوله، في حين يتجاوز راتب آخرين حاجز الـ40 والـ50 ألف، مشيرا إلى أنه يتناول وجبة واحدة في اليوم فقط من يد زوجته.
وهذه الظروف دفعته في أحد الأيام إلى الوقوف أمام مبنى ماسبيرو حاملا لافتة مكتوب عليها: «فين العدل يا مصر؟»، ليتوجه به أصدقاؤه إلى أحد القيادات الأمنية، ويروي: «قلت له أنا عملت هذا من أجل العمل وأنا أريد أن تعم العدالة كل شيء، وفى كل ما يعرض على الناس ففي أي برنامج نجد (فاصل ونواصل) وأصبح الفاصل هو الغالب، لإنه إعلانات، فالإعلان يتحكم في الإعلام وهذا شيء صعب ويؤلم النفس».
وعانى “ابو الحسن” في سنواته الأخيرة من العزلة وعدم اطمئنان بعض الفنانين عليه، وذكر خلال حوار مع صحيفة «المصري اليوم» أن الفنانة إسعاد يونس دائما ما يحاول التواصل معها إلا أنها لا تجيبه: «أنا وقفت جنبها كتير فى بداية حياتها ودلوقتى كل ما أتصل بيها ماتردش».
وفي 8 يونيو 2014 أعلن الفنان سامح الصريطي عن وفاة محمد أبوالحسن عن عمر ناهز 77 عاما، إثر أزمة قلبية مفاجئة بعد فترة طويلة لازم فيها الفراش.
