رحلت عن عالمنا منذ قليل الفنانة نجاح سلام، وهي فنانة لبنانية ذات صوت متميز واشتهرت بلقب “صوت العروبة الثائر”.. دخلت قلوب المصريين بلا استئذان منذ ظهورها الأول وازدادت مكانتها خصوصية بعد أغانيها الوطنية خاصة الأغنية الأشهر “يا أغلى اسم فى الوجود”
والتي كانت ولا تزال على لسان وفي قلب المصريين حتى يومنا هذا ويتم ترديدها في المناسبات الوطنية المختلفة، ومن فرط عشق الراحلة نجاح سلام لمصر المحروسة لقبت بلقب “عاشقة مصر” وتم منحها الجنسية المصرية عام ١٩٧٤.
ولدت نجاح سلام فى بيروت فى ١٣ مارس من عام ١٩٣١، وهى حفيدة الشيخ عبد الرحمن سلام مفتى لبنان، وعاشت نجاح سلام وسط أسرة فنية فوالدها كان عازف عود يُدعى محي الدين سلام، وشقيقها كان صحفيًا، ولقد نشأت نجاح في بيت متدين يراعى أهمية دراسة اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم وتربت على ذلك، وكانت هي عاشقة للفن.
اكتشفت الفنانة الراحلة موهبتها وجمال صوتها خلال الحفلات المدرسية، وكانت مكانة والدها وميولها الفنية أتاحت لها أول ظهور في عالم الطرب عام ١٩٤٨، حيث صحبها والدها إلى القاهرة منبع الفن وهناك تعرفت على كبار الفن وعمالقة الطرب على رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم والموسيقار فريد الأطرش وشقيقته المطربة أسمهان والشيخ زكريا أحمد وغيرهم، وفي عام ١٩٤٩ كانت بداية مشوارها الفني الحقيقي حيث سجلت لشركة بيضا فون أول أغنياتها وهي “حول يا غنام”، وأغنية يا “جارحة قلبي”، وبعدها انطلق مشوارها الفني الثري.
وللفنانة الراحلة نجاح سلام عدة أغنيات شهيرة أخرى منها و”برهوم”، وأغنية “عايز جواباتك”، و”ميل”، و”هيلا هالله “ و”على الله يا بوي” و”أمة يا ماما” ولقد لحن لها الموسيقار رياض السنباطى وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، ولكنها اشتهرت بأغنية “يا أغلى اسم فى الوجود” والتى تتغنى فيها لأم الدنيا مصر.
نجاح سلام والأغاني الوطنية.. حكاية نجاح
لم تتخصص صوت العروبة الثائر كما أطلق على الراحلة نجاح سلام في تقديم الأغاني الوطنية فقط، بل قدمت خلال مسيرتها الغنائية أعمال متنوعة، حيث يتضمن أرشيفها الكثير من الأغاني العاطفية والشعبية والشامية، لكن أغنياتها الوطنية كان لها مذاقا خاصا وتعتبر من أهم العلامات في مشوارها.
ومن أبرز الأغاني الوطنية التي قدمتها الراحلة نجاح سلام أغاني “أنا النيل مقبرة الغزاة”، أثناء العدوان الثلاثي على مصر والتي كان من المقرر أنها تكون بصوت كوكب الشرق أم كلثوم ولكن الأخيرة كانت قد اختلفت مع السنباطى حول مقطع من الأغنية كانت تريد تغييره، وحينما تم اقتراح الأغنية على نجاح سلام وافقت على الفور وسجلتها تحت نيران القصف وأصبحت هذه الأغنية صوتًا للمقاومة والنضال وسببت إزعاج للكيان الصهيوني.
وقدمت أيضًا أغاني ناجحة على رأسها”يا أغلى اسم في الوجود”، وفي عيد الوحدة بين مصر وسوريا غنت “بدي عريس أسمر عربي”، وخلال ثورة الجزائر قدمت أغنيتها ” يا طير يا طاير ضد البشاير من مصر وأجري على الجزاير”، وغيرها من الأغنيات.
تفاصيل تجربة نجاح سلام مع السينما
وكانت للفنانة نجاح سلام إسهامات فى عالم السينما والدراما، بدأت مع إسماعيل ياسين عام ١٩٥٢ بفيلم “على كيفك” والذي شاركت في بطولته مع ليلى فوزي وتحية كاريوكا .
وبعد نجاحها الكبير حصلت على البطولة المطلقة في عدة أعمال أخرى تالية لفيلم “على كيفك ” مثل فيلم “الدنيا لما تضحك” عام ١٩٥٣ الذي شاركت في بطولته إلى جانب إسماعيل يس وشكري سرحان وعبدالفتاح القصري وزينات صدقي وإستيفان روستي، وكان من إخراج محمد عبد الجواد وتأليف بديع خيري.
ثم قدمت نجاح سلام أفلام أخرى ناجحة على رأسها فيلم “دستة مناديل”عام ١٩٥٤، و”الكمساريات الفاتنات” عام ١٩٥٧، وفيلم “ابن ذوات” الذي غنت فيه عدد من الأغنيات التى ساهمت في زيادة شهرتها ونجاحها مثل “برهوم حاكيني”، و”الشاب الأسمر”، وغيرهم من الأفلام حيث قدمت خلال مشوارها الفني ما يقرب من 15 عملا سينمائيا.
تفاصيل الحياة الشخصية للفنانة نجاح سلام
نشأت في فيلم “السعد وعد” قصة حب بين نجاح سلام وبين الفنان محمد سلمان، وتوجت هذه القصة بزواجها من الفنان محمد سلمان وكانت قصة زواجهما تصلح لأن تكون قصة فيلم، حيث تنكر سلمان في زى سائق تاكسى واختطف المطربة اللبنانية نجاح سلام ليتزوجها بعد معارضة أهلها لهذا الزواج.
حيث ارتدى قميصا ملوثا بالشحم والزيت ووضع تحت أنفه شاربا ضخما واستعار سيارة تاكسى من صديق له، وذهب إلى حيث تتواجد واختبأ الثنائي في بيت قريب له خلف بيت أسرتها، وحضر المأذون وتم الزواج، وفي اليوم التالى كان الجميع أمام الأمر الواقع، وسافر العروسان هربا إلى القاهرة لقضاء شهر العسل، وأسست نجاح سلام شركة إنتاج مع زوجها الذي أنتج أفلامها اللبنانية، وبالرغم من هذا الحب الكبير إلا أن هذه الزيجة لم تكن هى زيجة العمر حيث انفصل الثنائي بعد سنوات وأثمرت الزيجة عن ابنتين هما سمر وريم
تزوجت نجاح سلام بعد محمد سلمان مرتين من الدكتور عدنان العريس ومن فؤاد مقبل، ولقد استقرت فى مصر أثناء اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية ثم عادت عام ١٩٩١ إلى وطنها، وفى عام ٢٠٠٠ قررت نجاح سلام ارتداء الحجاب لكنها لم تبتعد عن الغناء.
وكانت تؤمن أن العمل بالفن ليس بحرام مادام هناك التزام بتعاليم الدين، ورحلت اليوم عن عمر ناهز الـ 92 عامًا، وأعلنت سمر سلمان العطيفي ابنتها وفاة والدتها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” قائلة:” وانتهى المشوار يا عروبة؟؟ ماما في رحاب الله”.
