قبل أكثر من 163 عاما تزوج الشيخ أحمد مصطفي كشر قارئ القرأن الشهير وأحد أعيان مصر في تلك الفترة سيدة من أعيان المماليك ويصل نسبها إلي السلطان الأشراف “إنيال”، ومن ثم أنجب منها ابنته “بمبه كشر” تحديدًا في العام 1860 ، والتي اتسمت منذ صغرها بالجمال والحيوية، لكن بعد فترة قصيرة وتحديدا في عمر الـ14 عاما لبمبة توفي الشيخ أحمد كشر ، وقررت أرملته الزواج مرة أخري من مقرئ أخر لكن هذه المرة كان الشيخ اسماعيل شاه المقرئ الخاص بالخديوي توفيق، مما دفع بمبه وأخوتها الأربعة للانفصال عن والدتهم والعيش بمفردهم في حي الحسين احد أحياء القاهرة.
بمبة كشر لوز مقشر .. راقصة السلاطين والملوك
بعد أن غيرت بمبه وأخوتها مقر إقامتهم صادفها القدر في أن تسكن في حي الحسين بجوار راقصة تركية تدعي “سلم” التي كانت ترقص لسلاطين ومماليك تلك الحقبة، وكان لها الفضل في أن تضعها علي سلم النجاح والشهرة والتألق بعد أن علمتها الرقص واصطحبتها معها في جميع حفلاتها.
ست الكل التي تربعت علي عرش الغناء والرقص نصف قرن
وفي يوم من الأيام رقصت “بمبة” جميلة عصرها وعلي رأسها صينية يوجد عليها أكواب مليئة بالذهب والمال وكانت تستخدم عربة تجرها الخيول لزيادة الوجاهة الاجتماعية و أمامها عدد من الرجال الذين غنوا لها ” يا بمبة كشر يا لوز مقشر” وينادونها بـ” ست الكل” ، إلا أن أصبح ذلك لقبها وتلك الابيات الراعي الرسمي لمدحها في أي حفلة رقص حتي تربعت علي عرش الغناء والرقص لمدة نصف قرن وظلت تزوال المهنة حتي سن الـ70 ربيعا، وذلك نظرًا لإمتلاكها الذكاء والإبداع الذي جعلها تستمر دون توقف، فهي الراقصة الأولي التي قدمت حفلات الزار وجذبت جميع وجهات البلد وسياسيها وايضا الشخصيات العربية المهمة لمشاهدة رقصها، كما أنها أول مؤسسة مهرجان فني في مصر اطلقت علية حفلات الزار.
أما عن زواج بمبة كشر، فكان مختلفًا نوعًا ما عن بنات جيلها فكان الرجال يتمنون أن تمنحهم نظرة واحدة، فهي تزوجت 7 مرات من الملك والأمير الثري والفنان والفقير نوعا ما، نظرًا لجمالها الآخاذ الذي جعل الجميع يتهافت عليها ، ففي المرة الأولي تزوجت من شخص من عامة الشعب وبعد فترة تزوجت من من الفنان المعروف سيد الصفتى وتزوجت ايضا من توفيق النحاس ابن شهبندر التجار وانجبته منه حسين وخديجة، لكن تلك الزيجة لم تستمر وانتهت بالطلاق بعد إصرار عائلة زوجها بسبب الفن، أما عن الزوج الرابع كان من أثرياء وجه قبلي الذي أعطاها مهرا ستين فدانا لتتزوج بعدها من خامس أزواجها الذي غمرها بالهدايا والذهب كما أنه اشتري لها حنطورا مغطي بالدهب خصيصا من أوروبا وكتب عليه اسمها بالذهب الخالص واستأجر لها رجالا لحراستها ويفتحوا الطريق أمامها مرددين يابمبة كشر يالوز مقشر، ثم عازف القانون في فرقتها الموسيقية، والسابع والاخير كان أحد أثرياء القاهرة في ذلك الوقت، كما يقال أنها تزوجت سرًا مرات عديدة وأنها تزوجت بأمير ووالده و يقال ايضا أنه خلال عودة الزعيم سعد زغلول من منفاه قامت بفرش شارع الموسكي بأكمله بأفخر أنواع السجاد.
وعلي الرغم من حظها وشهرتها في الرقص والغناء الا أنها لم تنل حظًا وفيرًا في السينما وظهرت بشكل صامت في فيلمين طيلة حياتها وهما : ( ليلي عام ١٩٢٧م ، بنت النيل عام ١929م) ، ليكون أخر افلامها وتوفت بعده بعام واحد عام 1930.
عماد حمدي ونادية الجندي يردوا اعتبار بمبة كشر بعد وفاتها
لكن يبدو أن القدر أراد أن ينصفها بعد وفاتها ويصدر صوتًا لأدوارها الصامته، فحتمت مكانتها التي ساهمت في اعلاء شأن الفن المصري علي صناع السينما المصرية عمل فيلم يحكي سيرة “ست الكل بمبة كشر”، والذي انتجه الفنان الراحل عماد حمدي لتقوم ببطولته الفنانة نادية الجندي في أول بطولة مطلقة لها عام 1974.
