عربىمنوعات

حكاية ملك بريطانيا الذي تنازل عن العرش من أجل الحب

في 14 فبراير/شباط من كل عام يحتفل الملايين حول العالم بعيد الحب.

ويحمل هذا العيد اسم “الفلنتاين” نسبة إلى قديس بهذا الاسم يُعد راعيا للعشاق في العالم. وقد جاء اختيار 14 من فبراير/شباط (التاريخ الذي يعتقد أنه قتل فيه عام 269 بعد الميلاد) عيدا للعشاق في كثير من الدول.

وقد بدأ الاحتفال بعيد الحب، منذ منتصف القرن التاسع عشر، حينما حوَّل التجار الأمريكيون تقليدا دينيا شعبيا لإحياء ذكرى القديس فالنتين إلى حدث معاصر.

تشير الرواية الأكثر تداولًا إلى أن فالنتاين كان كاهنا أو أسقفا عاش في روما، خلال القرن الثالث الميلادي، واعتقله الإمبراطور الروماني، خلال فترة الاضطهاد الديني للمسيحية.

وتتبنى المواقع الكاثوليكية رواية مفادها أن جريمة فالنتاين كانت تزويج العشاق المسيحيين، في مخالفة لأوامر الإمبراطور، كلاوديوس الثاني، الذي منع الزواج لاعتقاده أنه السبب وراء عزوف الشباب عن الخدمة العسكرية.

لكن القديس فالنتاين أصر على أن الزواج هو أحد سنن الخالق في الأرض، وعصى أوامر الإمبراطور وعقد الزيجات سرا. وعندما اكتشف الإمبراطور الأمر، سجنه وأمر بإعد#امه.

وأثناء سجن فالنتاين، وقع في حب ابنة السجان. ويوم إعدا#مه في 14 فبراير/ شباط، أرسل لها رسالة حب بالتوقيع “من فالنتاين”، وهي اللفتة التي استمد منها العالم اليوم تقليد إهداء كروت للمحبين.

ويعزو دارسو الأدب المعاصر تحوُّل فالنتاين إلى راعٍ للعشاق، وارتباطه بالاحتفال بيوم عيد الحب إلى قصيدة كتبها الشاعر الإنجليزي، جيفري تشوسر، عام 1380، تكريما لريتشارد الثاني، ملك إنجلترا، في عيد خطبته الأول على آن من مملكة بوهيميا، جاء فيها: “وفي يوم عيد القديس فالنتين..حين يأتي كل طائر بحثًا عن وليف له، في مستهل الربيع الإنجليزي”. وافترض قرّاء القصيدة، على سبيل الخطأ، أن تشوسر كان يشير إلى الرابع عشر من فبراير/ شباط باعتباره يوم عيد الحب.

وتشير الدراسات الحديثة إلى أنه لم تكن ثمة صلة بين القديس فالنتاين والحب الرومانسي، قبل إشارة تشوسر. وقد بلغ الأخير مبلغا عظيما من القدرة على التأثير؛ إذ عُدَّ أبرز الشعراء الإنجليز في فترة ما قبل العصور الوسطى، قبل عهد شكسبير.

وعقب ذيوع قصيدته، تحوَّل الجميع إلى تبادل رسائل الحب، في 14 من فبراير/ شباط، وبث القديس فالنتاين، الذي استحال شفيعا للحب، شكاواهم من عذابات الوجد وفراق الحبيب. كذلك تحفظ لنا مسرحية هاملت للشاعر الإنجليزي، ويليام شكسبير، تضرُّع أوفيليا للقديس فالنتاين وإشارتها لعيد الحب.

وبحلول القرن التاسع عشر، تحوَّل العشاق من كتابة الرسائل بخط اليد إلى تبادل بطاقات محمَّلة بقصائد الحب، تستلهم رموزًا رومانية كالطفل كيوبيد ابن فينوس، إلهة الحب والجمال في الميثولوجيا الرومانية، وغيرها.

وامتدت عادة تبادل بطاقات المعايدة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وبعد رواج تجارة إنتاج بطاقات المعايدة، تطور الأمر إلى تبادل الورود والشوكولاتة التي يتم تغليفها بالساتان الأحمر وغيرها من الهدايا، ثم اتسع التقليد والتجارة، على حدٍّ سواء، ليشمل جميع الهدايا التي يقدمها، عادةً، الرجال إلى النساء.

وفي ثمانينات القرن العشرين، شاع تقديم هدايا من المجوهرات الثمينة، لدى الطبقات الأرستقراطية، حتى أن تجارة الألماس كانت تشهد كثيرًا من الانتعاش في الرابع عشر من فبراير/شباط.

وفي عيد الحب نجد الفرصة لتسليط الضوء على واحدة من أبرز قصص الحب في القرن العشرين وهي قصة إدوارد الثامن ملك بريطانيا الذي تنازل عن العرش ليتزوج بمن يحبها وهي المطلقة الأمريكية الليدي واليس سيمبسون.

من هو إدوارد الثامن؟

اسمه بالكامل هو إدوارد ألبرت كريستيان جورج أندرو باتريك ديفيد وقد وُلد في 23 يونيو/حزيران من عام 1894 بريتشموند في ساري بإنجلترا، وتوفي في 28 مايو/آيار من عام 1972 في العاصمة الفرنسية باريس.

كان أمير ويلز بين عامي 1911 و1936، وملك بريطانيا من 20 يناير/كانون الثاني إلى 10 ديسمبر/كانون الأول من عام 1936، عندما تنازل عن العرش من أجل الزواج من المطلقة الأمريكية واليس سيمبسون.

وكان الملك البريطاني الوحيد الذي تنازل طواعية عن العرش.

وكان والده، الذي أصبح الملك جورج الخامس عام 1910، منضبطا وصارما. وإدوارد هو الابن الأكبر لجورج والملكة ماري، وأصبح وريثا للعرش عند تولي والده في 6 مايو/ آيار من عام 1910.

وإلى جانب إدوارد، الذي طالما أطلقت عليه عائلته اسم ديفيد، كان هناك 4 أمراء ملكيين آخرين وهم ألبرت “بيرتي”، لاحقا الملك جورج السادس، وهنري وجورج وجون وأخت هي الأميرة ماري.

وكان ولي العهد إدوارد يتسم بالأناقة واللطف.

بعد أن أصبح أمير ويلز في عام 1911 وخدم في حرس غرينادير خلال الحرب العالمية الأولى، بات أحد أشهر وجوه مجتمع العشرينيات.

وخلال أوائل العشرينيات من القرن الماضي، قام بجولات نوايا حسنة واسعة النطاق في الإمبراطورية البريطانية، وبعد مرض عانى منه والده في عام 1928، أخذ الأمير يبدي اهتماما متزايدا بالشؤون الوطنية.

فخلال فترة الكساد التي أعقبت انهيار وول ستريت عام 1929، زار المناطق الفقيرة في المملكة المتحدة وشجع 200 ألف عاطل عن العمل من الرجال والنساء على الانضمام إلى مخطط العودة إلى العمل.

وقد فاقت شعبيته شعبية والده وجده إدوارد السابع بكثير.

وقد منحه الملك جورج الخامس في عام 1930 حصن بلفيدير، وهو منزل يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر ينتمي إلى التاج ويقع بالقرب من سونينغديل في بيركشاير.

ولقد منحته تلك القلعة، كما كان يطلق عليها دائما، الخصوصية حيث عمل بجد في الحديقة والأراضي المحيطة فبرع في مجال البستنة وخاصة في زراعة الورود.

وسرعان ما بدأ يعتبر القلعة ملاذا من العالم الرسمي الذي بات لا يحبه بشكل متزايد. وهناك أقام حلقة خاصة من الأصدقاء الذين لا ينتمون للطبقة الأرستقراطية التقليدية.

وفي عام 1930 بدأت صداقة الأمير مع الأمريكية واليس سيمبسون من بالتيمور بولاية ماريلاند.

وكانت سيمبسون، التي انفصلت عن ملازم في البحرية الأمريكية عام 1927 قد تزوجت من إرنست سيمبسون في عام 1928، وكان في دائرة الأصدقاء المقربين من الأمير إدوارد.

وكانت عائلة سيمبسون تُشاهد في كثير من الأحيان برفقة الأمير، وبحلول عام 1934 أصبح إدوارد يحب واليس بشدة.

وفي هذه المرحلة، وقبل أن يتمكن من مناقشة الأمر مع والده، توفي جورج الخامس في 20 يناير/كانون الثاني من عام 1936، وأُعلن إدوارد ملكا.

وبعد وفاة جورج الخامس، واجه الملك الجديد مشكلة كبرى.

وتمثلت تلك المشكلة في حبه لواليس سيمبسون حيث أنه بصفته الملك والحاكم الأعلى لكنيسة إنجلترا لا يمكنه الزواج من مطلقة فكان عليه أن يختار بين بلده وحبه.

وكملك، افتتح إدوارد الثامن في نوفمبر/ تشرين الثاني البرلمان ثم قام بجولة في جنوب ويلز.

وفي هذه الأثناء، قوبلت محاولاته للحصول على موافقة العائلة المالكة على سيمبسون، التي حصلت على مرسوم أولي بالطلاق في 27 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1936، بمعارضة شديدة بدعم من الكنيسة الإنجليزية (التي كان يرأسها) ومعظم السياسيين في كل من بريطانيا والكومنولث.

وقد كان ونستون تشرشل، الذي خرج من السلطة آنذاك، حليفه البارز الوحيد.

وقد أثارت علاقته مع سيمبسون الكثير من التعليقات اللاذعة في الصحف والمجلات الأمريكية والأوروبية.

وحاول رئيس الوزراء آنذاك ستانلي بالدوين إقناع الملك بالخطر الذي يهدد سلامة النظام الملكي بسبب الصداقة الخاصة مع سيمبسون.

وقد أُثير الأمر برمته في الصحافة والبرلمان في 3 ديسمبر/كانون الأول، وفي اليوم التالي ظهرت كلمة التنازل عن العرش في الصحف لأول مرة.

لذلك اتخذ الملك قراره النهائي وقدم تنازله عن العرش في 10 ديسمبر/كانون الأول من عام 1936.

وتم التصديق على التنازل عن العرش من قبل البرلمان في 11 ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام.

في 3 يونيو/حزيران من عام 1937، تزوج إدوارد وواليس بمباركة رجل دين من كنيسة إنجلترا في شاتو دي كاندي بفرنسا.

وقام الملك الجديد، جورج السادس، بمنح شقيقه الأكبر لقب دوق وندسور. ولكن رفض في عام 1937، بناء على نصيحة من مجلس الوزراء، منح دوقة وندسور الجديدة رتبة “صاحبة السمو الملكي”، وهي الرتبة التي يتمتع بها زوجها. وقد جرح هذا القرار الدوق بشدة.

وخلال العامين التاليين، عاش الدوق والدوقة بشكل رئيسي في فرنسا وزارا دولا أوروبية أخرى مختلفة، بما في ذلك ألمانيا في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1937 حيث التقيا بالزعيم النازي أدولف هتلر وتناولا العشاء مع نائبه رودولف هيس.

يذكر أنه كانت هناك مخاوف عند البعض لدى توليه العرش من أنه متعاطف مع النازية حيث أن السفارة الألمانية في لندن قد أرسلت برقية آنذاك لعناية هتلر نفسه.

وجاء في تلك البرقية أن “التحالف بين ألمانيا وبريطانيا بالنسبة له (الملك) ضرورة ملحة”.

ورغم اندلاع الحرب العالمية الثانية إلا أن الخلاف بين الدوق وعائلته استمر، وبعد زيارة لندن وافق على تولي منصب ضابط اتصال مع الفرنسيين قبل أن ينتهي به المطاف في لشبونة بعد استسلام فرنسا.

وقد قام هتلر، الذي كان يرغب في جذب الدوق إلى معسكره، بمحاولة فاشلة لإقناع إدوارد وزوجته بالذهاب إلى إسبانيا، التي كانت متعاطفة مع النازية.

لكن سرعان ما انتقل الدوق ليصبح حاكم جزر البهاما في الكاريبي بين عامي 1940 و1945.

بعد عام 1945 عاشا في باريس وقد تبع ذلك زيارات قصيرة إلى إنجلترا في السنوات التالية لا سيما لحضور جنازتي شقيقه الملك جورج السادس في عام 1952 ووالدته الملكة ماري في عام 1953، ولكن لم يحضر الدوق والدوقة أية مراسم ملكية رسمية حتى عام 1967 عندما تمت دعوتهما لحضور حفل عام رسمي مع أعضاء آخرين من العائلة المالكة.

وقد عاش الدوق والدوقة في فرنسا حيث توفي هناك عام 1972، بينما عاشت الدوقة حتى عام 1986.

وبعد وفاتهما، تم دفن الدوق والدوقة جنبا إلى جنب في فروغمور، داخل أراضي قلعة وندسور.

تمتد الكثبان الرملية من غابة نيوبارا نحو جزيرة لاندوين بمحاذاة ساحل جزيرة أنغليسي، وتطل على خليج كارنارفون ومتنزه سنودونيا الوطني في البر الرئيسي لويلز. وكانت السماء تمطر مطرا خفيفا وأخذت الغيوم الرمادية تغشى الأطلال التي تعود إلى العصور الوسطى لتضفي عليها طابعا أسطوريا.

ولا يزال سكان ويلز يحيون ذكرى القديسة دوينوين، قديسة العشاق بويلز. وعندما ينحسر المدّ، يسير الناس عبر طريق رملي من جزيرة أنغليسي إلى جزيرة لاندوين غير المأهولة حيث نشأت طائفتها الدينية. وقد اعتاد الكهنة الكلتيون أن يقطعوا نفس الطريق عندما استوطنوا جزيرة أنغليسي في الفترة ما بين سنة 100 قبل الميلاد و60 ميلاديا.

لكن هؤلاء المشاة لم يأتوا لاستكشاف الطبيعة والطيور التي تعشش في الجروف الصخرية، بل جاؤوا إلى الجزيرة لهدف آخر.

إذ تجتذب هذه الجزيرة زوارا لا لمناظرها الساحرة فحسب، إنما أيضا بسبب قصة القديسة دوينوين التي لاقت مصيرا بائسا. إذ تقول الإسطورة إن هذه الجزيرة الخالية من الأشجار والتي كانت منسية لآلاف السنين، استقرت فيها الأميرة دوينوين، ابنة أحد الملوك الأيرلنديين في القرن الخامس، وساعدت في لم شمل آلاف العشاق.

ويقصد الآن هذه الجزيرة الآلاف على أمل العثور على شريك الحياة المناسب، ولا سيما في يوم 25 يناير/كانون الثاني الذي اتخذته ويلز عيدا بديلا للحب.

وتعكس جزيرة أنغليسي ثراء ويلز الطبيعي والثقافي. إذ تقع بمحاذاة ساحل ويلز، حيث يلتقي الطرف الشمالي بالبحر الأيرلندي. وتزخر الجزيرة بمظاهر ثقافة ويلز، وتعرف الجزيرة باسم “أم ويلز”، لأنها كانت يوما ما سلة غذاء الشمال، فتلبي احتياجات السكان من المحاصيل الزراعية.

وتضم أنغليسي بعض أروع الشواطئ في أوروبا، وكذلك مسار ساحل ويلز، وهو أول ممشى في العالم يمتد على طول ساحل ويلز بمساحة 1،400 كيلومتر.

ولا شك أن كل تلة من تلال الجزيرة الخضراء وكل جزيرة من جزرها الصخرية وخليج من خلاجانها يحمل بين ثناياه حكايات وأساطير ويلزية تأسر الألباب، تزخر بحكايات التنانين والسحرة وبطولات الملك آرثر الأسطورية والميثولوجيا الكلتية.

لكن إذا قلت لأحد سكان جزيرة أنغليسي أنك جئت لتزور لاندوين، سيدرك على الفور أنك تبحث عن الحب.

كنني لم آت إلى هنا بحثا عن الحب، بل جئت بدافع الفضول. فهذه الجزيرة التي لم يسمع بها إلا

 القليلون، تحمل بين طياتها قصة تثير الشجن. وطالما وصف المؤرخون الويلزيون القديسة دوينوين بأنها كانت تقدم خارطة الطريق للحب. واستهوتني فكرة كنيسة دوينوين التي كان يأتى إليها الحجاج في العصور الوسطى من كل حدب وصوب، لأسباب دينية وفلسفية، وأن جيلا جديدا أعاد اكتشاف الجزيرة حرصا على إحياء أسطورة القديسة.

وتقول تشارلوت هوكسويرث، مديرة بمنظمة حفظ الموارد الطبيعية بويلز، بينما كنا نسير على الطريق المؤدي إلى الكنيسة التي يقال إن دوينوين دفنت فيها، إن الزيادة في عدد زوار الجزيرة يدل على أن ثمة قصة أخذت تلقى صدى مجددا. إذ يتداول الناس قصة دوينوين منذ قرون، لكنها ترسخت في وجداننا وأصبحت جزءا من هويتنا.

وتحمل أسطورة دوينوين بعض أوجه الشبه من مسرحية روميو وجولييت، وتقول بعض الروايات إن الأميرة دوينوين تقدم لخطبتها ميلون دافودريل، الذي لم يكن شريك الحياة المناسب لها، ورفضت الأميرة كل محاولاته للاقتراب منها قبل الزواج.

وتقول روايات أخرى إن الأميرة دوينوين حزنت حزنا شديدا بعد أن رفض أبوها ميلون دافودريل الذي كانت تحبه وكان أبوها يرتب لتزويجها بأمير آخر.

لكن جميع الروايات تتفق على أن دوينوين بعد أن خاب أملها وانفطر قلبها حزنا وأسى، جاءها ملاك ليواسيها في أحد أحلامها، ومنحها عدة أمنيات. وتمنت دونوين أن يلبي الله أماني جميع العشاق الحقيقيين في كل مكان وأن تظل عازبة إلى الأبد.

وما لبثت دوينوين أن فرت من مملكة أبيها، بريكينيوغ، إلى لاندوين، حيث كرست حياتها للعبادة وأصبحت راهبة.

ولولا أن القصة غير مكتملة، لكانت دوينوين ودافودريل نالا شهرة أوديسيوس وبينيلوبي أو لانسلوت وغوينفير التي لا تزال تلهب مخيلة كتاب القصص الرومانسية إلى الآن.

ويرى بعض سكان ويلز أن أسطورة دوينوين هي مجرد وسيلة يستغل بها البعض النزعة القومية المتزايدة في ويلز، وتعود جذور حركة إحياء أسطورة دوينوين إلى الستينيات من القرن الماضي، حين كان طالب من جامعة بانغور يروج لبطاقات القديسة دوينوين كبديل لرسائل عيد الحب.

والآن لا يحل يوم 25 يناير/كانون الآول إلا وترص المتاجر هدايا مبتكرة وتقدم المطاعم قوائم طعام مميزة احتفاء بالقديسة دوينوين.

في حين يرى آخرون أن هذا اليوم هو مناسبة للتعبير عن الهوية القومية لويلز، إذ أصبح هذا اليوم يحظى بأهمية كبيرة بين سكانها تفوق أهمية عيد الحب. واعتاد العشاق في هذا اليوم على زيارة جزيرة لاندوين لإعلان خطبتهم أو لتجديد عهودهم.

وتوفر تضاريس لاندوين، التي تضربها الرياح من جميع النواحي، الخلفية المناسبة لسرد الأساطير. إذ تبدو الجزيرة، التي تمتد على مساحة 74 فدانا كأنها مأخوذة من القصص الخيالية الويلزية. فتغطيها نباتات الحزازيات الذهبية النادرة، والحشائش الكبدية والتوت البري.

وتضم الجزيرة القليل من آثار القديسة دوينوين، منها النصب التذكاري المغطى بالعشب الأخضر، والصليب الكبير المنتصب على ربوة صغيرة في الطرف الشمالي الغربي من الجزيرة، الذي نحتت عليه عبارة: “في ذكرى القديسة دونوين 25 يناير/كانون الثاني عام 465”.

وكانت الجزيرة يسودها صمت مطبق، لا يقطعه سوى صوت الأمواج العالية. وعلى ارتفاع منخفض توجد أطلال كنيسة القديسة دوينوين، المبنية في القرن السادس عشر على أنقاض الكنيسة التي أقامتها بنفسها، وأطلال بئر دوينوين، حيث كانت القديسة تبارك الزوار بالمياه المقدسة.

وتقول الأسطورة إنها كانت تتكهن بمدى إخلاص العاشق بالنظر إلى حركة ثعابين الماء في البئر.

وتحتضن الجزيرة منارتين وأكواخا بنيت خصيصا للعمال الذين كانوا يساعدون في توجيه المراكب من مدينة بانغور عبر مضيق ميناي، الذي يفصل جزيرة أنغليسي عن البر الرئيسي.

وتستقطب الجزيرة أيضا العلماء لإجراء أبحاث عن الطبقات الصخرية في الجزيرة التي تعود إلى حقبة ما قبل الكامبري، فضلا عن أن الجزيرة غنية بالكنوز الساحلية، مثل الشواطئ الصخرية والمروج البرية ومستنقعات الملح.

لكن هوكسويرث تحذر من أن الشريط الرملي الذي يربط الجزيرة بغابة نيوبارا يتلاشى تدريجيا وتزداد الجزيرة انعزالا يوما بعد يوم. وتقول: “بينما نحرص على مشاركة أسطورة دوينوين مع الزوار، فإننا نحاول أيضا الحفاظ على الجزيرة وتنوعها البيولوجي”.

وفي طريق العودة إلى البر الرئيسي تلبدت السماء بالغيوم وهبت عاصفة رعدية على جبل سنودون، أعلى قمة في ويلز، وسرعان ما هطلت الأمطار وغمر المد الطريق المؤدي إلى الجزيرة.

ولا يشترط أن تزور لاندوين لتعثر على شريك حياتك، أو تبحث عن الحب. لكن أيا كان السبب الذي يحملك على زيارة الجزيرة، فإن لاندوين ستساعدك في التعرف على ويلز وفي سبر أغوار نفسك، ويرجع الفضل في ذلك إلى الأميرة التي انفطر قلبها في القرن الخامس.

قصة الحب التي جذبت آلاف المعجبين إلى قرية سويسرية صغيرة

في قرية إيسلتوالد السويسرية الصغيرة، يتجمع الناس عند رصيف الميناء، ليس مبتغاهم انتظار قارب يقلهم بل يريدون التقاط صورة لموقع تصوير الدراما الكورية المفضلة لديهم.”كراش لاندينغ أون يو” Crash Landing On You، وهي دراما رومانسية كورية تحكي قصة حب بطلتها وريثة مجموعة شركات عملاقة من كوريا الجنوبية، تضطر لتنفيذ هبوط اضطراري في كوريا الشمالية أثناء ممارستها هواية التحليق بالمظلة، نتيجة لحادثة سببتها الرياح القوية، لتتعرف هناك على ضابط في الجيش الكوري الشمالي، يتعهد بحمايتها وسرعان ما يقعا في الحب.تم تصوير عدد كبير من مشاهد المسلسل الدرامي التلفزيوني في سويسرا، والآن بات المعجبون يسافرون إلى مواقع مختلفة في محاولة لاستحضار مشاعر الحب تلك.عند الرصيف حيث هبطت بطلة المسلسل، يقف الناس في طابور لالتقاط الصور ومقاطع الفيديو وبعضهم يجلبون طائرات بدون طيار للتأكد من حصولهم على اللقطة المثالية.قالت يانينا سيفرمان، وهي ألمانية وإحدى عشاق ذلك المسلسل، لبي بي سي: “أحببت تلك القصة الرومانسية وقررت الزيارة لأن المواقع كانت جميلة جدا”.وأضافت: “انتابني إحساس مذهل للغاية. شعرت على الفور بأنني عدت إلى كواليس المسلسل وشعرت بأنني أكثر ارتباطا بالشخصيات”.

ليس بعيدا عن رصيف الميناء في إيسلتوالد، يقع فندق “شاليه دو لاك”، حيث يدين أحد الموظفين

 بعمله لهذه الدراما التلفزيونية.كان كارلو فيتيبالدي في بلدة إنترلاكن، يبحث عن عمل عندما اقترحت زوجته أن يجرب حظه في إيسلتوالد بعد مشاهدتها للمسلسل.وبالفعل احتضنه فندق Chalet du Lac، وأمن له وظيفة، وهو الآن يشاهد يوميا السياح يدخلون الفندق لطرح أسئلة حول الموقع.وقال لبي بي سي “أحمد الله على هذا، شكرا لزوجتي وشكرا للمسلسل التلفزيوني الكوري..لم أكن أعرف حتى بوجود إيسلتوالد في الماضي!”.وأضاف “خلال الصيف كنت أرى في كثير من الأحيان عشرات الأشخاص في وقت واحد، ينتظرون من مسافة بعيدة لالتقاط الصور في الموقع، أراهم في الصباح كل يوم في طريقي إلى العمل”.

لكن يبدو أن للشهرة ثمنا، فهناك خطر في أن تصبح إيسلتوالد ضحية لنجاحها، ففي أحد المنشورات على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام اشتكى أحد المستخدمين من الانتظار لمدة تصل إلى نصف ساعة حتى ينتهي سائح آخر من التقاط الصور.كتب المستخدم “بعد الانتهاء من التقاط الصور، وقفت لتفقد الصور على هاتفها المحمول وكأنها تمساح يسد منفذ قناة”.وإيسلتوالد ليست المكان الوحيد في منطقة إنترلاكن السويسرية الذي يقصده عشاق الدراما الكورية تلك. فبإجراء مسح عبر إنستغرام ستجد عشرات المعجبين يعيدون إنشاء مشاهد من المسلسل في أماكن مثل سيغريسويل Sigriswil وغريندلوالد Grindelwald.نانا شيانغ، التي تعيش في لندن هي إحدى عشاق المسلسل الكوري، وقامت بزيارة جبل فيرست بالقرب من غريندلوالد وكذلك إيسلتوالد.

تقول “أنا وصديقي نحب هذا المسلسل كثيرا، لذلك قمنا بالتقاط الصور في نفس المكان بالضبط” موضحة كيف صنعت أيضا مقاطع فيديو باستخدام موسيقى من المسلسل، “من المثير جدا رؤية المشاهد والأماكن في الحياة الواقعية! “.وقالت: “لم أكن من أشد المعجبين بالدراما الكورية، لكن مسلسل كراش لاندينغ أون يو، جعلني أتعلق بها، لقد عالج الملل الذي أصابني بسبب إجراءات

 الإغلاق نتيجة تفشي فيروس كورونا”. كما تشرح كيف ساعدها المسلسل في إعادة الاتصال بأصدقائها في تايوان الذين كانوا يشاهدونه أيضا.

وبدأ عرض المسلسل مباشرة قبل فرض إجراءات الإغلاق في عدد من البلدان وحقق نجاحا عالميا كبيرا.وقد سجل ثالث أعلى تصنيف درامي لكوريا الجنوبية في تاريخ تلفزيون المنصات الرقمية، بمتوسط مشاهدة على مستوى البلاد يبلغ 21 في المئة في الصين، كما تعطلت خدمة البث المباشر التي تعرض المسلسل ليلة بث الحلقة الأخيرة بسبب العدد الهائل من المستخدمين.وقد حقق المسلسل خارج آسيا أداء جيدا أيضا، حيث أذهل مجلس السياحة في إنترلاكن الذي وصف مدى المشاهدة التي حققها بأنها أمر “استثنائي”.وقال ريناتو جوليير من إنترلاكن للسياحة لبي بي سي: “كان لدينا بعض الأمل،

 لكن لا، لم يخطر في بالنا مطلقا أن نعول على مثل هذا الانتشار الهائل والشعبية التي جلبه مسلسل Crash Landing On You”.وقال إن شركات الحافلات في إيطاليا المجاورة نظمت بالفعل جولات إلى المواقع الأكثر شعبية في المسلسل مثل إيسلتوالد وسيغريسويل وبحيرة برينز.”نحن على يقين من أن الناس سوف ينبهرون بالصور الرائعة التي ظهرت في المسلسل”.

ليست هذه هي المرة الأولى التي ينجذب فيها الناس إلى وجهات مثالية في أوروبا متأثرين بمشاهدة فيلمهم أو برنامجهم التلفزيوني المفضل.لعقود من الزمان، توجه السياح إلى النمسا لمشاهدة المواقع حول سالزبورغ التي اشتهرت بعد تصوير الفيلم الغنائي الشهير صوت الموسيقى Sound Of Music.وكما هو الحال مع الفيلم الموسيقي الكلاسيكي الشهير الذي عرض عام 1965، هناك آمال في أن تجذب المناظر الجميلة في سويسرا والمستخدمة في الدراما الكورية المزيد من الزوار، خاصة بمجرد أن يتمكن الناس من السفر بشكل كامل مع تخفيف القيود المفروضة بسبب الجائحة.وقال جوليير: “إنها فرصة جيدة تمكننا من أن نظهر لضيوفنا في المستقبل جمال منطقة العطلات في إنترلاكن”. 

تابع كل النجوم على تطبيق نبض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى