زمان يافن

عبدالغني قمر.. مات خارج الوطن واتهمه شقيقه بأنه “عاش خاين ومات غريب”

اشتهر الممثل عبد الغني قمر خلال فترة الستينات بأداء دور الرجُل الصعيدي، مثلما كان في فيلم «30 يوم في السجن» مع فريد شوقي وأبو بكر عزت، حيث قام بدور «النجعاوي»، وعلى الرغم من خفّة الأدوار السينمائية التي اشتهر بها إلا أن حياته انتهت نهاية مأساوية لا تُشبه طبيعة مشواره أبدًا.

وعبد الغني قمر من مواليد الإسكندرية عام 1921، وهو من عائلة فنية من الدرجة الأولى، فشقيقه الأصغر هو السيناريست والمؤلف بهجت قمر، والد الشاعر أيمن بهجت قمر، ومن عائلته أيضًا المطرب المعروف مصطفى قمر.

بدأ قمر حياته المهنية في مطلع الخمسينات، حيث عمل موظفًا في مصلحة جمارك ميناء الإسكندرية، ثم اتجه للفن، فالتحق بمعهد التمثيل وتخرج منه وعمل بفرقة “المسرح المصري الحديث” بوظيفة ممثل، ثم انضمّ للفرقة القومية وفرقة إسماعيل يس المسرحية، وقدمه للسينما والمسرح المخرج زكي طليمات.

شارك الفنان المصري في بطولة أكثر من 40 فيلمًا، أشهرها فيلم «ورد الغرام»، «من القلب للقلب»، «صراع في الوادي»، «شيطان الصحراء»، «درب المهابيل»، «شيطان الصحراء»، «رابعة العدوية»، و«بنت الصياد»، وفي التليفزيون قدم أعمالاً كثيرة أهمها ثلاثية الصاوي (الضحية، الساقية، الرحيل).

وفي السبعينيات، سافر عبدالغني قمر إلى ليبيا للاشتراك في فيلم «الرسالة»، الذي حقق من خلاله نجاحًا كبيرًا وساهم بقوة في تعريفه للجمهور العربي أيضًا.

ليس هذا فقط بل كان الفنان المصري من الفنانين المثقفين، حيث سافر لعدة دول أوروبية لإلقاء محاضرات فنية وثقافية للجاليات العربية، منها إنجلترا وألمانيا.

واجه الفنان عبد الغني قمر جرائم عديدة طيلة حياته، ففي مايو 1955، نشرت مجلة «الجيل الجديد» بباب «ليالي القاهرة»، الذي ينشر الأسرار الخاصة بالفنانين والفنانات، خبر اتهامه بالإخراج دون تصريح رسمي، حيثُ يقول الخبر: في إحدى سهرات القاهرة، ظهر الممثل عبدالغني قمر الذي أبلغته نقابة المهن السينمائية أنه مقدّم للتحقيق والمعاقبة وفقًا للقانون الجديد، لأنه زاول مهنة الإخراج في الإسكندرية دون أن يكون عضوًا في النقابة.

وعلى هذا الحادث علق الصحفي المصري مفيد فوزي، والذي كان مشرفًا على باب “ليالي القاهرة” قائلًا: اعترف عبدالغني قمر بأنه قام بالإخراج العمدي فعلًا، ولكنه اضطر إلى ذلك لأن المخرج الأصلي تخلى عن إخراج الفيلم، فاضطر هو لاستكماله، ثم شرح للنيابة ظروفه وأثبت أنه ارتكب جريمة الإخراج خطأ وليس مع الترصد وسبق الإصرار.

لم تكُن جريمة “الإخراج” هي الجريمة الأولى التى واجهها عبدالغني قمر في حياته، فمع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، قامت القوات البريطانية بإنشاء إذاعة في قبرص اسمها “صوت مصر الحرة”، وبسبب استقالة جميع المذيعين العرب من “إذاعة الشرق الأدنى”، التي كان مقرها قبرص أيضًا، اضطرت القوات البريطانية لاستخدام عدد من الأجانب المتحدثين بالعربية، منهم عبد الغني قمر، ليقدموا البرامج التي تهاجم الحكومة المصرية وتدعو الشعب المصري للانقلاب عليها، لكن المصريين لم يهتموا بتلك الإذاعة واستمروا في مقاومة العدوان.

وبعد قيام الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، بزيارة القدس، عارضته أغلب الدول العربية وتزعم صدام حسين، نائب رئيس جمهورية العراق آنذاك، ما يسمى بجبهة الرفض العربية، والتي ضمت العراق وليبيا والجزائر والاردن والسعودية ولبنان.

وقام صدام حسين باستقبال عدد من الفنانين والإعلاميين المصريين الذين يعارضون سياسة الرئيس السادات ليبدأوا في مهاجمة الحكومة المصرية وسياساتها من هناك، منهم عبد الغني قمر والذي كان مقيمًا في ليبيا آنذاك.

تم إنشاء إذاعة بإسم “صوت مصر العروبة” وأسندت رئاستها لقمر، وبدأت تبث برامجها من بغداد بغرض السخرية من شخص الرئيس السادات وزوجته، وانتقاد جميع تصرفات الحكومة المصرية، ولكن هذه الإذاعة رغم التكلفة الضخمة التي انفقتها حكومة العراق وقتها لم يكن لها تأثير يُذكَر في الشارع المصري.

وبعد اغتيال الرئيس السادات، وتولي الرئيس مبارك خلفًا له تغيّرت السياسات، خصوصًا بعد تورط صدام حسين في الحرب مع إيران واستعانته بمصر لتقدم له دعمًا عسكريًّا، فتم إغلاق إذاعة “صوت مصر العروبة” وبقي عبدالغني قمر في العراق حتى مات في فبراير 1981، ودفنته أسرته سرًا في مدافن العائلة في الإسكندرية.

وفي النهاية، خسر قمر كل شيء حتى احترام عائلته، إذ وصفهُ شقيقه الأصغر الشاعر بهجت قمر برأي قاسٍ قائلًا إنه “عاش خائنًا ومات غريبًا”.

تابع كل النجوم على تطبيق نبض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى