زمان يافن

قصة “مهووس” فريد الأطرش الذي عرض مليون ليرة من أجل الحصول على قُبلة منه

في حادثة غريبة من نوعها تعرض لها الفنان الراحل فريد الأطرش، خلال حفلة غنائية أحياها في دمشق، وعد مواطن سوري يدعى عبدالهادي الرباط، بالتبرع بمبلغ مليون ليرة سورية إذا سمح له الأطرش بتقبيله من خده.

وكان ذلك في ملعب العباسيين بدمشق، وكان الملعب مكتظًا بأكثر من عشرين ألف متفرج، جاؤوا ليعيشوا مع فريد الأطرش في حفلته الخاصة بالعمل الغذائي، وعند دخول الأطرش إلى المنصة تعالت الهتافات بين الجماهير وكان منهم رجل في الستين من عمره يحتل مع عائلته أحد الصفوف الأمامية، وظل يحدق في فريد بشكل غريب، وكان كلما هم فريد بمغادرة المسرح يرفع يديه بشكل رزين هادئ يرجوه أن يعيد، واستجاب فريد له وردد أغنية «أول همسة» عشر مرات، وفقًا لمجلة «الشبكة»، في عدد قديم لها.

وخلال غناء الأطرش فوجئ بأن المعجب أخلى مكانه وأعد لفريد مفاجأة لم تخطر ببال أحد، فعندما كانت اللجنة الخاصة بالتبرعات تجري المزاد الأميركي على مسدس أحد الشهداء، خلف كواليس المسرح، وقد فاجئ المعجب الأمن الموجود على الكشك الذي أعد لاستراحة الأطرش وحاول الدخول ولكن الحرس منعه وبعد محاولات استطاع المعجب الوصول إلى فريد وعرض عليه التبرع بمبلغ مليون ليره إذا سمح له الأطرش بتقبيله من خده، وهو الأمر الذي لم يصدقه الأطرش في أول الأمر ولكنه تحقق أمامه وعلى خشبة المسرح ولم يتمالك الأطرش دموعه حينها.

يذكر أن فريد الأطرش وُلد في قرية القريّا في جبل العرب جنوب سوريا، لعائلةٍ هي من كبار عائلات الموحدين الدروز عُرفت بمقارعتها الاحتلال الفرنسي، والده الأمير فهد الأطرش من سوريا، أما والدته فالأميرة عالية وهي لبنانية.

هربت الأم بأطفالها نحو لبنان أولًا، ثم اتجهت إلى مصر حيث طلبت اللجوء لها ولأطفالها الثلاثة، فؤاد وفريد وآمال، ومُنحت الجنسية المصرية لاحقًا.

نما اهتمام فريد الأطرش بالموسيقى في تلك الفترة من حياته التي عانى فيها من الصعوبات المادية بينما كان يستمع لوالدته تغني وتعزف العود في المنزل، وسُمح له بسبب إصراره الشديد أن يتمرن مع كورال المدرسة المسيحي.

كان فريد يحب الموسيقى عندما كان طفلًا، حيث أعجب بشدة بمغنٍ في إحدى المقاهي، لكنّه لم يستطع تحمّل شراء كوبٍ من الشاي هناك ليستمع له، كان يقف خارج المتجر بشكلٍ مستمر ليستمتع بالموسيقى هناك، حتى أثار استماعه للعرض دون أن يدفع ثمنه.

سمحت له والدته بالغناء في المناسبات المدرسية، ما مكّنه من تطوير موهبته حتى شارك في حفلٍ جامعي لتكريم الثورة السورية، لفت أداؤه في هذا الحفل نظر المجتمع الفني، لكنّه أفصح عن هويته الحقيقية كأحد أفراد عائلة الأطرش، مما تسبب بفصله من المدرسة الفرنسية، وتخرّج بعدها من مدرسةٍ أخرى، وسُمح له أن يسجل بمعهد موسيقي، أصبح بعدها تلميذًا لرياض السنباطي الملحّن الشهير.

أعجب السنباطي بعمله الدؤوب ومكّنه من الغناء في إذاعاتٍ خاصة مصرية في الثلاثينيات، تمّ تعيين فريد الأطرش كعازفٍ للعود في أوركسترا بعد أن تمّ إغلاق جميع محطات الراديو وأُنشأت محطة واحدة وطنية، ثم أصبح بعدها مغنٍ هناك.

عمل لفترةٍ مع شقيقته اسمهان ولحن لها بعضًا من أغانيها، وكان الفيلم “انتصار الشباب” الذي ظهرا فيه معًا من أوائل أفلامه.

غيّر النجاح السريع الذي لاقاه الشاب الوسيم في نمط حياته، فأصبح يستمتع بالحياة الليلية في المدينة، العلاقات الغرامية، والمراهنة على سباق الأحصنة، وجد فريد نفسه بعد فترةٍ مديونًا، كما تركته والدته التي لم توافق على تصرفاته.

 ساءت تلك الفترة من حياته أكثر بعد وفاة أخته المطربة الشهيرة أسمهان، ووجد الراحة قليلًا في علاقةٍ مع الراقصة سامية جمال التي بذل من أجلها كل ما يملكه.

نجح في استدانة المال لينتج فيلمًا تشاركه في بطولته عام 1947 وهو فيلم “حبيب العمر” أخرجه هنري بركات.

لاقى هذا الفيلم نجاحًا كبيرًا وغير متوقع وضع فريد في صف الأشخاص الأثرياء ثم تبعه فيلم “عفريتة هانم” الذي لعبا بطولته سويًا، ثم انفصل الثنائي غير المتزوج بعد خمسة أفلام بسبب شجارٍ عنيف.

استمر فريد بالعمل مع عدة نجوم آخرين في أفلامٍ ناجحة عديدة والتي حصل في معظمها على دور المغني العاشق والرومانسي الحزين، وكان اسمه فيها باستمرار، وحيد.

وعلى مدار مسيرةٍ فنيةٍ استمرت ثلاثين عامًا، سجل أكثر من 350 أغنية وشارك في 30 فيلمًا وبقيت هذه الأغاني  والأفلام على درجة عالية من الشهرة حتى هذه الأيام.

توفي فريد الأطرش في عام 1974 في بيروت إثر العودة من رحلةٍ علاجية إلى لندن، عن عمرٍ يناهز الستين عامًا، تاركًا فيلمًا آخر لم ينتهِ من تصويره.

تابع كل النجوم على تطبيق نبض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى