أراد أن يُحرق جسده بعد الرحيل واختار مقبرة في الصحراء.. حكاية رشدي أباظة مع الموت
حكاية رشدي أباظة مع الموت رواها بنفسه في مقابلة مع مجلة الشبكة أجريت عام 1974 وكشف فيها عن رؤيته للوفاة.
حكاية رشدي أباظة مع الموت جاءت بعد أحداث عايشها وأخرى قرأ عنها أو شاهدها في أعمال فنية.
ذكر الفنان الراحل رشدي أباظة حكاياته مع الموت، وكيف يراه ويفكر فيه.
خطبت لفنان شهير ولم تتزوجه وخاصمت سعاد حسني حتى وفاتها..أسرار الفنانة ليلى حمادة ومن هو زوجها..صور
وُلدت في فرنسا وطردها عبدالناصر من مصر وهي خالة فنانة شهيرة..محطات في حياة وردة الجزائرية
قال رشدي أباظة: اشتريت خمسة أفدنة وبنيت عليها كوخًا من حجارة بيضاء، وبعيدًا في منتصف الأرض بنيت غرفة لابنتي “قسمت”.
الغرفة ملحق بها حمام صغير ومطبخ أصغر، كأنها ديكور لتصوير لقطة غريبة حالمة، وقسمت هي التي صممتها.
وأضاف: في نيتي أن أبني مسجدًا بعد غرفة قسمت، يصلي فيه الفلاحون في تلك المنطقة، وربما يصلي فيه عابر السبيل إلى الإسكندرية.
أرضنا كانت على أول الطريق إلى الإسكندرية، بينما الأهرامات الثلاثة تقف إلى الخلف منها كسور هائل يطاول عنان السماء.
ما يشغلني حقيقة بعد المسجد هو المقبرة، فنحن نعتني بدورنا في هذه الدنيا ولا نعتني بالدار الآخرة.
بل لا نتذكرها إلا عندما يختطف الموت عزيزًا إلى قلوبنا.
وتابع: حين مات خالي ذهبنا في جنازته، وكانت هناك مقبرة لنا في مدافن الروم الكاثوليك لأن أسرتي إيطالية.
لكننا وجدناها مشحونة بالنزلاء وفيها تصطف صناديقهم الخشبية صندوقًا بجوار صندوق، وتبادل المشيعون النظرات وفي أعينهم دموع.
صاحت أمي بلوعة : ليس لك في القبر مكان.. فلماذا لم تبق بيننا.
فكرة الموت
وقال تربي عجوز:” في مثل هذه الحالات يمكن أن نجمع عظام كثيرة في صندوق واحد، ونتخلص من الصناديق الفارغة فنخلي مكانًا للوافدين.
قالت واحدة من سيدات الأسرة، : جرى العرف على أن يقوم بهذا واحد من أبناء الأسرة.
ويتابع أباظة: طارت الأعين لتستقر عليّ فلم أتردد، دخلت القبر وفتحنا الصناديق فامتلأ المكان الصدئ الهواء بالعفن.
وأكمل: عجبت لأحبائنا في هذه الرائحة، أمسكت دموعي بصعوبة حين فتحت تابوت جدي، كان عزيزًا علي وأحبه من كل قلبي.
وتابع: وجدت عظامه وخاتمه وسنتين ملتصقتين وكانتا من البلاستيك، فوضعتهما في جيبي تذكارًا، ونفذت إلى أعماقي حكمة الموت.
عندما نصبح كومة عظام هشة، حين لا يبقى منا إلا سيرة وذكرى.
واستطرد أباظة: يومها عرجت على قبر الفنانة كاميليا ووضعت زهرة، ووقفت عند قبر الفنان استيفان روستي ورشقت وردة.
قالت لي أمي:” جئنا ندفن خالك .. ولم تجئ “للطلعة” على كل الموتى”.
لم أنم تلك الليلة، فقد ظل شبح الموت جاثمًا على خيالي، واستعدت مواقف من فيلم أمريكي كانت للبطل فيه فلسفة خاصة.
لهذا كتب البطل وصيته بأن يحرق جسده، ويوضع الرفات في زجاجة تبقى عند حبيبته أو عند أولاده لا أذكر.
وواصل: واستعدت ما قرأت عن موتى الهنود وهم يحرقون، ويذر الرماد فوق النهر المقدس، فالماء الجاري فيه طهارة.
هو أروع مقبرة لتلك العقيدة الهندوسية، واختمرت الفكرة في رأسي، فكرة أن يحرق جسدي بعد موتي.
رحت أسأل رجال الدين رأيهم، فقالوا لي إن الشريعة الإسلامية ترفض هذا.
وقال رشدي اباظة: استقر رأيي على بناء مقبرة في الرمال، فاللرمال قدرة على الاحتفاظ بالجسم البشري أطول مدة ممكنة.
واختتم حديثه أرضي الجديدة على أطراف الصحراء، ولهذا ستكون هناك مقبرتي.
